Home
الأحد السادس من الصوم: معجزة شفاء الأعمى
عن البطريركية ـ
بقلم: قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص الكلي الطوبى
"وفيما هو مجتاز رأى إنساناً أعمى منذ ولادته فسأله تلاميذه قائلين يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى" (يوحنا 9: 1).
تاهت عقول الناس منذ أن خُلق الإنسان بتفسير أسباب الخطية والبلية ومعرفة نتائجهما، فالكثير من الفلاسفة وعلماء الروح ربطوا ما بين الخطية والبلية وكثيراً ما نوه المسيح أيضاً عن العلاقة بينهما فقد قال للمريض الذي شفاه عند بركة حسدا "لا تخطأ أيضاً لئلا يكون لك أشر" (يو 5: 24).
ولكن من الخطأ الفادح أن يتصرّف الإنسان في التمسك بهذه العقيدة في عقل الإنسان المؤمن لأنه يكون قد ضل طريق الاستقامة وحاد عن جادة الحق ودان غيره من الناس باطلاً. كثيراً ما يحكم الناس على إنسان وقع في تجربة أن ما حدث له هو نتيجة خطية قد اقترفها وإذا ولد إنسان بعاهة ينسب سبب هذه العاهة إلى خطية اقترفها والداه، الآباء يأكلون الحصرم وأسنان الأبناء تضرس.
فيما كان يسوع مجتازاً في دروب أورشليم رأى إنساناً أعمى منذ ولادته كان قد رذله المجتمع فدين هذا الإنسان من تلاميذ المسيح وسألوا الرب قائلين: هل هذا أخطأ أم أبواه، قال التلاميذ سائلين الرب حتى ولد أعمى يبدو السؤال غير منطقي قد نسأل قائلين قد أخطأ أبواه حتى ولد أعمى؟ لأننا نعلم في الكتاب المقدس أن "الآباء أكلوا حصرماً وأسنان الأبناء ضرست" (ارميا 31: 29). نعلم قد يكون الآباء يخطئون ونتيجة الخطية ينالها الأبناء ولكن كيف يقولون هل هو أخطأ ولكن كيف يقولون هل هو نفسه أخطأ حتى ولد أعمى منذ ولادته وهو أعمى فكيف يخطئ قبل ولادته كانت هناك عقائد سخيفة وباطلة قد انتشرت بين اليهود جاءتهم من الوثنية فهذه عقيدة التناسخ وهي عقيدة تعتبر أن روح الإنسان بعد مغادرتها الجسد تحل بأجساد بشر أو بهيمة أو حشرة وتنتقل من جسد إلى آخر بعد الموت وحتى أنها تحل بهذه الأجساد بحسب ما كان عليه ذلك الإنسان من صلاح أو طلاح فإذا كان صالحاً تنتقل روحه بعد موته وانفصالها عن جسده إلى إنسان صالح وتتنعم في هذه الحياة هذه العقيدة الباطلة كانت قد انتشرت بين اليهود في ذلك الزمان لذلك ظن التلاميذ مع أهل أولئك الناس ربما أن أبوي ذلك الأعمى قد أخطأا فولد أعمى أو ربما كان هو في حياة سابقة في جسد آخر قد أخطأ فولد في هذا الجسد أعمى ليتعذب وكان الأعمى يتعذب حقاً كان مرذولاً من المجتمع عقلية الناس تظن أن هذا الإنسان قد أصابه الله عاقبه على شره فيسوغ لهم أن يحتقروه ويرذل من الناس، قد يرحموه فقط لأسباب الرحمة ولكنهم يتعدون خاصة عندما يسمعهم يدينونه باطلاً كما فعل تلاميذ الرب، الرب يجيبهم لا هذا أخطأ ولا أبواه ولكن لكي تظهر أعمال الله فيه فكان الرب يسوع فبل ذلك قد أعلن عن ألوهيته عن أزليته وسرمديته وكان وقتها في المجمع يعلم فأظهر ألوهيته وكان اليهود عازمين على رجمه لذلك اختفى من بينهم وجال كما يقول الإنجيل المقدس ولبرهن لهم على حقيقة ألوهيته رأى ذلك الأعمى ولا نظن في حياة الرب وتدبيره الإلهي بالجسد كان أي شيء يحدث صدفة إنه بحسب التدبير الإلهي المسبق كل شيء حدث في حياة الرب يسوع بالجسد ظهر وقال التلاميذ ما قالوا ولكن الرب ليظهر كما قال لهم أنه هو والآب واحد، يظهر قدرته على الخلقة وكما قال لهم إن أبي يعمل وأنا أعمل أيضاً، تفل على الأرض وجبل طيناً ووضع هذا الطين بوجه ذلك الإنسان الذي لم يكن في وجهه مكان للعينين ثم قال له: اذهب واغتسل في بركة سالومة أو شالوحة بالسريانية أي المرسل.
لم يسأل الأعمى شفاء ولا نوراً ولا بصراً ولكن الرب هو الذي دعاه ولكي يبرهن الرب أن هذا الإنسان مؤمن بالرب بالذات أرسله إلى بركة شيلوحا شيلوه (نحميا 3: 15) (أشعيا 8: 6) إن طاعة هذا الأعمى للرب يسوع يدل على إيمانه به أرسله ونشط الإيمان الذي كان في قلبه اغتسل في البركة فأبصر نعمة أعطيت لذلك الأعمى نعمة البصر والبصيرة آمن بالرب يسوع وبشر به في كل مكان ولكن الأعمى الذي أبصر لم يكن يعلم أن ذلك سيسبب زيادة حسد الكتبة والفريسيين للرب يسوع إنه سينتج آلاماً واضطهاداً له ولمن يمت إليه بصلة دعي الأعمى بعد أن رآه الجيران والأقرباء والأصدقاء هل هو، بعضهم يقولون أنه هو آخرون يشبهه ولكنه يقول لهم أني أنا هو كنت أعمى كيف أبصرت؟ إنسان وهنا نرى هذه الصفة إنسان جبل طيناً ووضع في وجهي وذهبت واغتسلت في بركة سلوام فأبصرت، بعد ذلك يأتي الناس ليقولوا عن المسيح هذا الإنسان خاطئ لأنه اجترح هذه المعجزة في يوم السبت، الأعمى يقول لا أعلم إن كان خاطئاً أم لا ولكننا نعلم أن الله لا يستجيب الخطاة هذا ما قاله أيضاً بعض الفريسيين وهم ينصحون أخوتهم الفريسيين أن يقبلوا بهذه الحقيقة كل ذلك حدث نتيجة للأعجوبة طرد الأعمى من الجماعة لأن الفريسيين قد قرروا أن من يؤمن بالرب يسوع يحرم ويطرد خارج المحلة محلتهم خارج أفكارهم الرديئة خارج كفرهم خرج عندما أيضاً سؤل من الناس دعا الرب يسوع نبياً أولاً إنسان ثم نبياً وعندما اضطهد أحدنا في سبيل إيمانه بالرب يسوع نحن نتأكد أن المسيح يكون معنا ألا نذكر قصة شاول الطرسوسي الذي ظهر له الرب يسوع وشاول في طرقه إلى دمشق لكي يضطهد المؤمنين بالمسيح يسوع فالمسيح قال له لماذا تضطهدني، من أنت، قال يسوع الناصري. شاول لم يضطهد المسيح لكنه اضطهد أتباع المسيح قال: فمن يضطهد أتباع المسح يضطهد المسيح بالذات لذلك المسيح يكون مع الإنسان المضطهد من أجله، ظهر المسيح للأعمى وقال له أتؤمن بابن الله قال له من هو الذي يكلمك؟ بإلهام الروح القدس نطق الأعمى أنه يؤمن وسجد للرب يسوع بعد أن رآه إنساناً ثم نبياً تدرج إيمانه وتقوى وعرف أن ذلك الإنسان النبي هو ابن الله بالذات لذلك سجد له، لا نقدر أن نربط ما بين الخطية والبلية قد يحدث تجارب كثيرة للإنسان من الله ويكون ذلك الإنسان باراً لنذكر أيوب الصديق لنذكر يوسف البار نحن لا يحق لنا أن ندين غيرنا لندن أنفسنا إن وقعنا في بلية ونقول لعل ما حدث لنا كان نتاج خطية اقترفناها ذلك جرى بأخوة يوسف عندما كانوا بضيق في مصر أمامه ولم يعرفوه أولاً فأخذ بعضهم يخاطب الآخر بلغته التي يفهمها يوسف أننا قد تعدينا على أخينا ورأيناه في ضيقة ضيقته ولم نرحمه لذلك وقعنا في تلك البلية لا نستطيع أن ندين غيرنا فأيوب الصديق شهادة الله له أنه لا يوجد مثله في الأرض كلها إنسان يخاف الله ويصنع خيراً ابتلي بلايا عظيمة وضيقات شديدة جداً ولكن الله بعدئذ بعد هذه التجارب جعل من أيوب لنا مثالاً للصبر يوسف نفسه تحمّل المشقات والضيقات والآلام بصبر وأنجح الرب طريقه لا نربط بين البلية والخطية ولا ندين غيرنا فالأعمى الذي ولد أعمى نتصوره الآن ونرى روحه الطاهرة مع أرواح القديسين والملائكة تمجد الله وتسبحه لأنه ولد أعمى فميلاده أعمى منحه ليس فقط نعمة البصر بل أيضاً نعمة البصيرة ومنحه أن يكون في عداد القديسين لينر الله أبصارنا جميعاً أيها الأحباء ولينر بصيرتنا بنعمته تعالى آمين.
|