اصبحتُ تائهاً في هذه الدنيا، وغرقتُ في ملذاتِها، وغرفتُ من موبقاتِها، وانغمستُ في خطاياها، وارتويتُ من دروبِها المعوجة. أجل نسيتُك يا يسوع. نسيتُ حبك والفداء الذي أعطيتني إياه بتضحية ذاتك على الصليب. نسيتُ دعوتَك لي بأن التجيَ الى أحضانِك فتُشبِعُني من حنانِك ومن الخلاص المجاني الذي أعددتْه لأمثالي الخطاة. وكم من مرةٍ دعوتني إليك. وكم من محاولةٍ أردتَ فيها أن تجذبَني الى مراحمِك. وكم من عذابٍ تحملته في إعادتي الى حظيرةِ حبِك ورأفتِك. وكم من بركةٍ أظهرتْها في مسيرةِ حياتي لتخبرَني أنك الى جانبي، وكم وكم وكم... ولكن لا زلتُ مصراً على إنكاري لك. أنا ضائعٌ في دروبِ الحياة. أفكر كيف أحصلُ على المالِ الذي أُسيء أحياناً إستعماله وهو كان وما زال وسيبقى وسيلةً للعيش وليس الغاية من وجودي. لا أهتم بالقيَم التي علمتني إياها مراراً وتكراراً في إنجيلك المقدس وبخاصةٍ موعظتك على الجبل في إنجيلِ متى.
لم أعدْ آبهاً ولا أعطي لوصاياك ودعواتك لي أهميةً، ولم أجزمْ على أن أعودَ اليك مبتعداً عن الأمراض السامة القتَّالة، كالقمار ومعاطاة المخدرات والمشروبات الروحية، ومزاولةِ الأعمالِ المشينة التي تشوّه صورتي كإنسانٍ إعتمدتُ بإسمِك بل وحملتُ إسمَك القدوس، وحلَّ فيَّ وهنٌ وضعفٌ هائل في الإيمان والثقة بقدرتك، والإعتماد على ساعديَّ وعلى قُدُراتي الدنيوية، بل وإهمالي لواجباتي البيتية الزوجية منها والأبوية. واصبحتُ منبوذاً من الأهل والأقارب ومن المخلصين، وصرتُ مقبولاً عند الأشرار والمنبوذين، ورفيقاً لدعاة الكفر والإلحاد.
يا يسوعي الحبيب، أنا أعلم أنك ربٌ رحومٌ، بل لا حدودَ لغفرانِك. لم توجِدْ السماءُ أو الارضُ مثلك مِمَن إتصف بالبرارة والصفح والمغفرة. أهانوكَ فبكيتَ من أجلهم، بصقوا في وجهِك فباركتهم، لطموا خدَّك الأيمن فأدرتَ لهم الأيسر، صلبوك وعذبوك وسمّْروا يدَيك ورجلَيك على خشبةِ العار، وأسالوا الدماء من أنحاء جسدِك الطاهر، بل طعنوك برمحٍ في جنبِك الأقدس، وكللَّوك بأكليلٍ من الشوك وأنت لم تفتحْ فمك كما تنبأ عنك الانبياء (كحَمَلٍ سيق الى الذبح ولم يفتح فاه). كلُ هذا فعلوه بك وأما أنتَ فأعطيتهم جزاءً ولا أروع، ناديتَ أباك السماوي وقلتَ له (أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون).
نعم يا يسوعي، أنا واحدٌ من هؤلاء الذين أنكروك. أغفر لي وسامحني واقتبلني مع لص اليمين. ولا تطردني من أمام وجهك. سأعود اليك تائباً طامعاً بمراحمِك يا ربَ المغفرة والمحبة.