إنه عيدُ الأب، وعندما نعيدُّه نَصعد الى العُلى بعقولنا وقلوبنا وأدعيتنا صارخين: نشكرك يا أبانا الذي في السماوات، يا مُعطي الأرزاق وموزع النِعَم والبركات وحافظ الأحياء والغافر ذنوب البشر ومرشد الضالين. نشكرك يا مُشبِع الجياع وراوي العطاش. يا هادي الضالين يا من لا تغمض عينك عن مُريديك والملتجئين الى مراحمك. أنت تسبغ خيراتك على الأخيار والأشرار. في هذا اليوم ، يوم الأب نشكرك يا أبانا الذي في السموات ونشكر كل بركاتك.
قبل فترة ليست ببعيدة إحتفل العالم بعيد الأم، واليوم نحتفل بعيد الأب ولكن هل توافقوني فإن هذا العيد لا يشابه أبداً ما أعطيناه للأم في يوم عيدها. والعيدان هما إجتماعيين وليسا دينيين. أي لا تفرضهما الكنيسة المسيحية على أبنائها بضرورة الالتزام بهما بل هي أعياد اجتماعية صرفة.
الأب دائماً هو المَثَل الأعلى في حياة أبنائه. منه يتعلم المرء الكثير من المباديء والقيم. ومعاني التضحية. فهو مدرسة ونبع الحنان السامي. قلبه وحبه مليْ بالحنان والعطف ونبعٌ للحب الصافي والتضحية والاخلاص وبوجوده تشعر العائلة بالأمان والقوة وهو يعطي دوماً النصائح والارشادات ويزرع البسمة بين أفراد العائلة ويدافع عن حقوقها.
الأب هو رمز السلطة والقوة. بل به يعتز الأبناء ويتباهون. هو الذي يعطي فقط ولا يحتاج إلى أي دعمٍ في المقابل. يتواجد في البيت لفتراتٍ قصيرة يلتزم خلالها الأطفال الهدوء، يوفّر احتياجاتهم ويعطيهم مصروفهم، يحادثهم ويلاعبهم يتكلّم خلالها كلاماً كثيراً. يطلب من أولاده عدم إحداث ضجة وهم يلعبون في غرفتهم. أما حين يضايقهم ابن الجيران أو ولد يلعبون معه في مكان عام، فيسارعون إليه، يحتمون بقوته، يشكون الظلم الذي تعرّضوا له وهم واثقون بأنه سيأخذ لهم حقّهم. يرون قوته ولا يرون دموعه، يرون سلطته وصلابته ويخفي عنهم لحظات ضعفه كما يخفيها عن الجميع في مجتمعٍ يفرض عليه ذلك بصفته رجلاً.
إنه الانسان الذي يخطط لحاضر ومستقبل سعادة العائلة وهو الذي يضحي بكل ماعنده ليرى فلذات أكباده ناجحين في حياتهم متباهياً بما حققوه وغدَوا مفخرة للعائلة التي ينتمون اليها. ويتعامل مع شريكة حياته جنباً الى جنب بالحب والتفاهم الكلي. فكلاهما عنوان التضحية في العائلة وبجهودهما يوجِدان أسرة متكاملة تسعى دوماً للخُلُق الكريم والسعادة المبنية على الخير للجميع.
في هذه العُجالة نتوجه بالدعاء للرب أن يحفظ إمام أحبارنا الأب الأقدس مار أغناطيوس زكا الأول عيواص والى كافة أحبار الكنيسة السادة المطارنة وفي مقدمتهم راعي أبرشيتنا نيافة مار إقليميس أوكين والى الكهنة خدام المذبح أينما وجِدوا.
في عيد الأب أرسلها تحية لكل الآباء الاحياء منهم والراقدين وباقة وردٍ خاصة للمرحوم والدي الذي لا أنسى حبه وعطفه.
خادم الرعية الخوري عبدالاحد شارا